كارثةٌ رسمت طريقاً إلى التماسك بين السوريين/ات من جديد

Also available in English

Bi Kurdî jî peyda dibe

عاليه محمد – زوزان حسن

خلال ساعات الفجر الأولى، في السادس من شباط عام 2023، تحوّلت الطرق في مناطق تركية وسورية، إلى ملجأ آمن، ذلك بعد وقوع هزّةٍ أرضيّة، قدّرتها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، بقوة فاقت سبع درجاتٍ على مقياس ريختر، كانت قد ضربت جنوب تركيا وشمال سوريا، وأودت بحياة أكثر من 46 ألف شخصٍ، وتضرّر أكثر من 26 مليون آخرين/أخريات في كلا البلدين. 

“كان كل شيءٍ طبيعيّاً خلال الثواني العشر الأولى لوقوع الهزّة، بعد ذلك شعرت أن الخطر يُحدق بنا، لذا سارعت بإيقاظ كافة أفراد عائلتي، واتجهنا معاً إلى خارج المنزل.. كان كل مَن حولنا يعيشون/ن خوفاً قد يلازمهم/ن طويلاً”، تقول روان سليمان من قاطنات مدينة قامشلي. 

بعد مرور وقت قصير على وقوع الهزّة الأرضية، توالت الأنباء عبر وسائل الإعلام المختلفة، حول ما تعرّضت له المناطق الأكثر قرباً من مركز الهزّة، وما خلّفته من ضحايا ودمار، في جنوب تركيا، وفي حلب وإدلب وريفيهما، واللاذقية، ومناطق أخرى من سوريا، وبات الجميع على دراية بِوَقْع الكارثة.

الدخول إلى مرحلة الاستنفار لتقديم يد العون

سرعان ما تحوّل الخوف لدى قاطني/ات شمال شرق سوريا، إلى حالة استنفار، بهدف تقديم يد المساعدة للمتضررين/ات من الزلزال المدمّر، وتوالت الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي، للتبرّع بما يمكن التبرّع به، في مختلف مدن المنطقة، 

في مدينة الرقّة، وعلى الرغم من افتراش قاطني/ات المدينة الطرق، خوفاً من تداعيات الهزّة، إلا أن ذلك لم يشكّل عائقاً أمام أحمد وأصدقائه، للقيام بمساعدة كل من خرج/ت من منزله/ها في المدينة،.”قمنا بمساعدة مجموعة من الشبّان، بنصب الخيام في الساحات الخالية، والحدائق العامّة، حتى يمكث بها الأهالي، ريثما تعود حالة الاستقرار”، يقول أحمد لـ نيكستيب. 

أما في مدينة ديرك/المالكية، أقصى شمال شرق سوريا، فقد توجّه بسّام بطرس إلى مدينة حلب، بهدف تقديم يد العون للمتضررين/ات، يقول بسّام إنه كان شاهداً على حالةٍ غير مسبوقة من التكاتف بين أهالي المنطقة، والتعاطف، دون الالتفات إلى انتماء المتضرر/ة. 

“شاهدنا مسلمين/ات في الكنائس، ومسيحيين/ات في الجوامع، كلٌّ من جانبه/ها يقوم/تقوم بجمع التبرعات والمساعدات للمتضررين/ات، وتلقّيت اتصالاتٍ كثيرة قبل توجّهي إلى حلب، ممن كانوا/كن يرغبون/ن بتقديم المساعدة، كان الأمر رائعاً حقاً، وتجسيداً لحالة الكل يعمل لأجل الكل”، يقول بسّام. 

من جهتها، ترى الناشطة المدنية بيريفان عبد الكريم، إن تسارع الأهالي من مختلف مدن المنطقة، لتقديم المساعدة للمتضررين/ات، مبنيٌّ على أساس الرغبة في الحفاظ على التماسك المجتمعي فيما بينهم/ن.

“إن الكوارث التي تحل على السوريين/ات، تعزز حالة الترابط والتماسك بينهم/ن، وعلى ما يبدو أن هذه الكارثة، دفعت بهم/ن إلى وضع الخلافات السياسية والخلافات على أساس الانتماء، جانباً، والتركيز على تقديم يد العون فقط”، توضّح بيريفان رؤيتها لحالة التماسك بين أهالي المنطقة في ظل حدوث الكارثة. 

وشهدت الأيام الأولى بعد حدوث الهزّة الأرضيّة، الإعلان عن العديد من الحَمَلات الإنسانيّة، في مختلف مناطق شمال شرق سوريا، سواء تلك التي نُظّمت عبر الجهات الرسميّة، أو المنظّمات الإنسانيّة، أو مجموعات مستقلّة، أو مؤّثرين/ات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي عملت على جمع التبرّعات والمساعدات المقدّمة من أهالي المنطقة، سواء داخل أو خارج البلاد، بهدف إيصالها إلى المتضررين/ات من الزلزال. 

وتلقّت فاطمة (اسم مستعار)، القاطنة في مدينة عفرين، التي نالت، وريفها نصيباً كبيراً من الدمار، اتصالاتٍ عديدة، من داخل البلاد وخارجها، بهدف تقديم يد العون، وطلب إيصال المساعدات للأهالي داخل المدينة، لاسيّما المناطق المنكوبة، على الرغم من الصعوبات التي واجهت عملية إيصال هذه المساعدات. 

تقول فاطمة لـ نيكستيب، إنه بعد مرور يومين على حدوث الزلزال، باشر الأهالي بتقديم المساعدات للمناطق المنكوبة، وكانت بلدة جنديرس التابعة لمدينة عفرين، أكثرها تضرّراً، حيث كانت المساعدات في البداية محليّة فقط ومقدّمة من الأهالي، لكن فيما بعد، بدأت بعض المنظّمات والجمعيات بالعمل على إيصال المساعدات، لذا فقد تطوّعت فاطمة، ضمن فريق، لتوثيق احتياجات الأهالي في المناطق المتضررة، وإيصال المساعدات لهم/ن.

صورة متداولة على الإنترنت

كارثةٌ فتحت باباً نحو تماسك السوريين/ات 

حالة الاندفاع من قبل أهالي المنطقة إثر حدوث الزلزال، وإقبالهم/ن الكبير إلى مراكز جمع التبرعات والمساعدات، بهدف تقديم المساعدة، كانت شبه غائبة عن المشهد السوري طيلة سنوات الحرب، متخطّيين/ات بذلك، الاعتبارات السياسية وحالة الاحتراب التي يتم تسويقها أنها بين المدنيين/ات السوريين/ات، ولم تثبت صحّتها على أرض الواقع، ما زرع الأمل لدى البعض في أن تكون بداية جديدة نحو التقاء السوريين/ات رغم ما خلّفته الحرب من مآسٍ. 

حيث يقول عزيز رمضان من قاطني مدينة دير الزور، إن مدينته أيضاً شهدت نشاطاً ملحوظاً نحو تقديم يد العون للمتضررين/ات، ويضيف “كانت الكارثة كبيرة، ودائماً ما تتوحد المجتمعات في مثل هذه الحالات، وما التجمعات التي حدثت، بغية المساعدة، إلا تأكيداً على المحبة والأخوة التي احتفظت ببذورها بين السوريين/ات، والتي من المتوقع أن تكون جسراً نحو تغييرات إيجابية في قادم الأيّام”.

وبلغ إجمالي عدد البلدات المتضررة في سوريا جرّاء الزلزال 123 قرية وبلدة ومدينة، ما دعا المجتمع المحلي، إلى التدخل السريع بغية مساعدة من لا زالوا/ن على قيد الحياة، بعد فقدانهم/ن أبسط مقومات الحياة.

وعلى الرغم من حجم الدمار الذي لحق بالمناطق المتضرّرة جراء الزلزال المدمر، إلا أن الكثير من الأهالي رأوا/ين أن مساعي السوريين/ات في دعم المناطق المتضررة بغض النظر عن انتماءاتهم/نَّ المختلفة، أمرٌ إيجابي، وهو ما أحيا أملهم/نَّ بالعمل بشكل فعلي على الحد من الخلافات في فترة ما بعد الزلزال.

مشاركة:

علق تعليق